السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أول أمر بإظهار الدعوة
لما تكونت جماعة من المؤمنين تقوم على الأخوة والتعاون، وتتحمل عبء تبليغ الرسالة وتمكينها من مقامها نزل
الوحى يكلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعالنة الدعوة، ومجابهة الباطل بالحسن ى.
وأول ما نزل بهذا الصدد قوله تعال ى: {وَأَنذِرْ عَشِيرََتكَ اْلأَْقرَبِي نَ } [الشعراء : ٢١٤ ]، وقد ورد في سياق ذكرت فيه
أوًلا قصة موسى عليه السلام، من بداية نبوته إلى هجرته مع بني إسرائيل، وقصة نجاتهم من فرعون وقومه،
وإغراق آل فرعون معه، وقد اشتملت هذه القصة على جميع المراحل التي مر بها موسى عليه السلام، خلال
دعوة فرعون وقومه إلى الله .
وكأن هذا التفصيل جىء به مع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بجهر الدعوة إلى الله ؛ ليكون أمامه وأمام
أصحابه مثال لما سيلقونه من التكذيب والاضطهاد حينما يجهرون بالدعوة، وليكونوا على بصيرة من أمرهم منذ
البداية .
ومن ناحية أخرى تشتمل هذه السورة على ذكر مآل المكذبين للرسل، من قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم إبراهيم،
وقوم لوط، وأصحاب الأيكة عدا ما ذكر من أمر فرعون وقومه ليعلم الذين سيقومون بالتكذيب عاقبة أمرهم
وما سيلقونه من مؤاخذة الله إن استمروا عليه، وليعرف المؤمنون أن حسن العاقبة لهم وليس للمكذبي ن.
الدعوة في الأقربين
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيرته بني هاشم بعد نزول هذه الآية، فجاءوا ومعهم نفر من بني المطلب
بن عبد مناف، فكانوا نحو خمسة وأربعين رجًل ا. فلما أراد أن يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بادره أبو
لهب وقا ل: هؤلاء عمومتك وبنو عمك فتكلم، ودع الصباة، واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة، وأنا أحق
من أخذك، فحسبك بنو أبيك، وإن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن يثب بك بطون قريش، وتمدهم
العرب، فما رأيت أحدًا جاء على بني أبيه بشر مما جئت به، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتكلم
في ذلك المجل س.
ثم دعاهم ثانية وقا ل: ( الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأومن به، وأتوكل علي ه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك ل ه) . ثم قال : ( إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إلا هو، إنى رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس
عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وإنها الجنة أبدًا أو النار أبدً ا) .
فقال أبو طال ب: ما أحب إلينا معاونتك، وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديًقا لحديث ك. وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون،
وإنما أنا أحدهم، غير أني أسرعهم إلى ما تحب، فامض لما أمرت ب ه. فوالله ، لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن
نفسى لا تطاوعنى على فراق دين عبد المطلب .
فقال أبو له ب: هذه والله السوأة، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم، فقال أبو طال ب: والله لنمنعه ما بقين ا.